جريدة الكترونية تأسست
1/1/2015
الرئيسية / جريدة اليوم / وضوح الأحد… وغموض الاثنين
احمد الغز

وضوح الأحد… وغموض الاثنين

أحمد الغز:
             (أحد الوضوح) كان عنوان تظاهرات الأحد الماضي والتي اختُصرت على رفض محاولات العنف المتجول لتفريق التجمعات حيث تشكلت الموجات التصالحية الطائفية والوطنية على خطوط التماس التاريخية وبالذات بين الشياح وعين الرمانة والرينغ والخندق الغميق وكان من الواضح الحضور الأنثوي الطاغي في ذلك اليوم الطويل. ولا بد من الاعتراف بأهمية الوضوح كعنوان للمراجعة والتأمل والوقوف بوضوح تام في مواجهة أنفسنا واوهامنا وتحدياتنا وأخطائنا واستهتارنا بسيادتنا وهويتنا ووطنيتنا وان خلاصنا هو بالتعامل مع قضايانا بوضوح تام، ولا بد من تقدير بعض الكتابات التي امتلكت شجاعة النقد والمراجعة وتقييم (أحد الوضوح) وما حمله من تساؤلات وتوجهات وحقائق موجعة واهمية تجديد الخطاب والأدوات وتحديد المنطلقات والأهداف.
 وبوضوح تام لا بد من الاعتراف بأن الموجة الشعبية التي عمت كافة المناطق قد استطاعت، منذ اليوم الاول، ان تحدث تغييراً جذريا في كيفية التعامل مع القضايا اللبنانية السياسية والاقتصادية والاجتماعية وأن تضع احزاب السلطة أمام مراجعة دقيقة حول اساس وجودها في المجلس النيابي، وان ذلك لم يكن نتيجة انتخابات حزبية داخلية بل ان انتخابهم جاء نتيجة تصويت قاعدة اجتماعية ومناطقية عريضة مما يعني ان وجودهم في السلطة يتعدى تمثيلهم الحزبي مما يحتم عليهم الاعتراف بحق الهيئات والتجمعات المستقلة وغير الحزبية بالتمثيل السياسي.
 وبوضوح تام استطاعت هذه الموجة العابرة للطوائف والمناطق والطبقات والأجيال ان تظهر مدى هشاشة النخبة السياسية في السلطة وخارجها وعدم قدرتها على الفهم العميق للإرادة الوطنية والطاقات البشرية الاستثنائية لدى عموم اللبنانيين. وبوضوح تام، استطاع شابات وشباب لبنان  وبعفوية تامة ان يحدثوا تصدعا كبيرا في بنية مكونات السلطة واستطاعوا فرض إعادة ترتيب الأولويات والبديهات وتغيير المعايير والاتجاهات مما شكل صدمة موجعة لأصحاب الطموحات غير المشروعة في القيادة والسيطرة والهيمنة على مقدرات البلاد.
 وبوضوح تام، جاءت استقالة الحكومة استجابة بديهية وموضوعية لأحقية ومشروعية مطالب المتظاهرين واعتراف صريح بالمخاطر التي تهدد استقرارنا الاقتصادي والاجتماعي وان هذه الاستقالة هي الإنجاز الأساس  الذي حققه ذلك الطوفان الاجتماعي السياسي، وبوضوح  تام كشفت استقالة الحكومة مستوى الخفة والانفصال عن الواقع لدى سيل من الاسماء من هواة السلطة وعشاق الذات وتقاطرهم تحت اجنحة الظلام نحو أولياء الأمر وصناع الأزمات لتجديد ثقافة الوصاية والخطوط الخلفية المحلية والخارجية للوصول الى السلطة متجاهلين ذلك الطوفان الاجتماعي السياسي الذي يمتلك وحده الحق في الاستشارات الملزمة ومنح الثقة في إدارة البلاد.
وبوضوح تام، يجب التوقف عن الشعوبية الإعلامية التي أصبحت تسيء لنفسها وللناس بإظهار فقرهم وحاجاتهم وموتهم نتيجة الاستهتار العام من السلطة والإعلام، ولا بد من اعتماد المسؤولية والموضوعية وتظهير الأوراق والدراسات التي وضعت حول الأزمة الراهنة من قبل مراكز الأبحاث  المحلية والإقليمية والدولية والتي تصلح لكي تكون مادة للنقاش حول كيفية معالجة أوجاعنا الحقيقة وانهياراتنا الكارثية السياسية والاقتصادية والاجتماعية وآخرها الدراسة التي اصدرها الصديق رمزي الحافظ مع مجموعة كبيرة من ممثلي القطاعات عبر مؤسسة infopo حول الثورة الاقتصادية والتي تستحق مع غيرها النقاش والحوار البناء.
وبوضوح تام، ان مصير الاستشارات النيابية الملزمة يوم الاثنين القادم هو شديد الغموض والالتباس ومحكوم بالمتغيرات والمفاجآت والصدمات، وبذلك يكون لبنان اليوم بين  وضوح الأحد وغموض الاثنين.
ahmadghoz@hotmail.com