جريدة الكترونية تأسست
1/1/2015
الرئيسية / أبرز الأخبار / أبو مالك التلي أراد الانسحاب قبل أيام من معركة الجرود… ماذا حصل؟
عرسال

أبو مالك التلي أراد الانسحاب قبل أيام من معركة الجرود… ماذا حصل؟

يتّجه لبنان الى اجتياز «الاختبار بالنار» الذي دهم البلاد من بوابته الشرقية في جرود عرسال بـ«أقل أضرار سياسية» ممكنة بعدما أظهرتْ مقاربات المعركة التي خاضها «حزب الله» وبـ «التعاون» مع الجيشين اللبناني والسوري ضد جيوبٍ لـ «جبهة النصرة» خلافات لم تصل الى حد الإطاحة بالستاتيكو السياسي القائم على تسويةٍ جوهرها التسليم بإدارة «حزب الله» للمسائل ذات الطبيعة الإقليمية، بعدما تحوّل جزءاً من «الحال الإقليمية» التي لا قدرة للبنان الا على التكيّف معها.

وفي منتصف الطريق بين المعركة التي لم تنته بعد تماماً ضد «النصرة» في جرود عرسال، والمعركة التي لم تبدأ بعد ضدّ «داعش» في جرود القاع ورأس بعلبك، نجحَ الضغط العسكري بالمعارك والحشد في فتْح قنوات التفاوض من جديد، وسط معلوماتٍ عن صفقة بين «حزب الله» و«النصرة» أَمْلت الاعلان عن وقف لإطلاق النار لثلاثة أيام بدءاً من فجر أمس، وهو الأمر الذي من شأنه أن ينسحب على «داعش» الذي لم يتعوّد خوض معارك خاسرة.

وبدا أن المفاوضات التي تولّى إدارتها مدير الأمن العام اللبناني اللواء عباس ابراهيم توصلتْ إلى تسويةٍ بترتيبات لوجستية بإشراف الصليب الأحمر تطوي صفحة وجود «النصرة» وأميرها في جرود عرسال أبو مالك التلي بانسحابهم ومَن يرغب من المدنيين عبر «ممر آمِن» إلى إدلب في سورية، وتشتمل أيضاً على عملية تبادُل لجثث وأسرى بين «حزب الله» و«النصرة».

وعلمت «الراي» ان ابو مالك التلي كان يريد التفاوض والانسحاب قبل أيام من المعركة التي بدأت يوم الجمعة الماضي، إلا أن زعيم «النصرة» أبو محمد الجولاني أَمَر بالقتال وهدّد بقتْل كل مَن ينسحب، لاقتناعه بإمكان الفوز بالمعركة على قاعدة أن منطقة العمليات وعِرة ولن يتمكن «حزب الله» من السيطرة عليها، خصوصاً أن «النصرة» موجودة فيها منذ أعوام واستطاعتْ إقامة تحصينات كثيرة ومتعدّدة في الجبال والكهوف.

وساهم موقف الجولاني بإجبار «النصرة» على القتال في جرود عرسال وقفْل أي بابٍ للتفاوض لاعتقاده ان «الجبهة» تملك الأفضلية وأنها في موقع أقوى من أن تُملى عليها الشروط، فدخل «حزب الله» المعركة وبعد استعادته 130 مرتفعاً في أيام قليلة اقتنعتْ قيادة «النصرة» في إدلب بأن هناك المئات من مقاتليها في الجرود يستطيعون المجيء الى إدلب لدعم «الجبهة» في المدينة بعدما طردت منها «أحرار الشام».

وحسب معلومات «الراي»، فإن «حزب الله» يحتفظ بأكثر من 30 جثة تعود لمسلحين من «النصرة»، وهو أرسلها الى برادات لحفْظها بانتظار أي عملية تبادُل، فيما تحتفظ «النصرة» بـ 23 جثة لعناصر من «حزب الله» كانت دفنتْها في تل العيس، إضافة إلى 5 أسرى أحياء من الحزب ما زالوا في قبضتها.

وقالت مصادر مطلعة على مجريات المفاوضات لـ «الراي» ان «التفاوض الجاري حالياً ليس الأول بين(النصرة)و(حزب الله) اللذيْن سبق أن تبادلا جثثاً وأسرى خلال الحرب السورية، وأن قنوات التواصل بين الطرفين موجودة وعملتْ في الساعات الماضية على المواءمة بين الشروط والشروط المضادة»، مشيرة إلى ان «وضع حزب الله هذه المرة أفضل بكثير من(النصرة) لأنه يستطيع تضييق الخناق على مئات المحاصَرين داخل بقعةٍ جغرافية صغيرة في جرود عرسال»، ولافتة الى أن «عائلات المسلحين الموجودين في وادي حميّد هم جزء من المفاوضات التي قطعتْ شوطاً مهماً».

وعلمت «الراي» انه بعد طيّ صفحة وجود «النصرة» في جرود عرسال، سيصار إلى نقْل «العدسة» نحو جيوب «داعش» قبالة رأس بعلبك والقاع، حيث باشر الجيش اللبناني حشد قواته، وسط معطياتٍ تؤشر على أن الجيش سيخوض المعركة وحيداً لطرْد المسلّحين وبمعزل عن «حزب الله».

غير أن معلوماتٍ متقاطعة رجّحتْ عدم حصول المعركة مع «داعش» وإنهاء وجوده في الأراضي اللبنانية وامتدادها السوري (قارة) عبر تسويةٍ تتيح انتقال عناصره إلى تدمر، خصوصاً ان «داعش» معروف بعدم خوضه معارك لا يَضمن الفوز بها.

وبدا لافتاً مع اقتراب «رحيل» مسلّحي «النصرة» و«داعش» عن الأراضي اللبنانية حرْص «حزب الله» على إظهار تَعاوُنه مع الجيشيْن السوري واللبناني في المعركة التي خاضها في جرود عرسال، إذ تحدّث قريبون منه عن أن الجيش اللبناني تدخّل في أكثر من موقعٍ بالمدفعية وما يملكه من صواريخ «هيلفاير» الأميركية الصنع المركَّبة على طائرات الـ «سيسنا»، فكان له الدور الداعم والمتناغم مع العمليات البرية التي أدت لاستعادة الأراضي اللبنانية من «النصرة».

ولاحظتْ دوائر مراقِبة محاولة «حزب الله» استثمار معارك الجرود في سياق توجيه الرسائل لاسرائيل، كالقول ان «حزب الله» في يوليو 2017 غيره في يوليو 2006، حيث انه بات قادراً على التأقلم وتحقيق التناغم بين سلاح المدفعية وسلاح المشاة والطيران من دون طيار وأجهزة استخباراته، أي بين أذرعه العسكرية والأمنية المختلفة ما يخوّله خوض معارك داخل المدن المعقّدة كحلب وفي جرود عرسال الجرداء وذات الهضاب المتعددة حيث خاض معركةً بوجه مجموعةٍ ذات ايديولوجيا عالية جداً ومتماسكة ومدرّبة أفضل التدريب، ولم يخسر فيها الحزب إلا عنصراً واحداً من قوات النخبة (الرضوان) و 22 من التعبئة الذين لا يملكون الخبرة الكافية، وهي الخلاصة التي يريد الحزب من خلالها القول لاسرائيل إنه إذا فُرضت الحرب عليه فان المعركة مع تل ابيب ستكون نزهة رغم التفوّق الجوي الاسرائيلي.

(الراي)