جريدة الكترونية تأسست
1/1/2015
الرئيسية / جريدة اليوم / الناس تأكل بعضها والفساد مستشرٍ
محمد يوسف بيضون

الناس تأكل بعضها والفساد مستشرٍ

محمد يوسف بيضون:
              قرأت في جريدة «اللواء» الصادرة بتاريخ 7/9/2019 ما يلي: «أقدم المواطن جورج الخولي على صب مادة البنزين على نفسه واضرم النار فيها امام نقطة التفتيش التابعة لقوى الأمن الداخلي عند مدخل البوابة الرئيسية لقصر العدل في بيروت، احتجاجاً على عدم البت بدعوى له عالقة امام المحكمة، ما دفعه الى الانتحار لأن حقه لم يعط له بعد، قائلاً عدت الى لبنان لأحصل على حقي وهذا ليس لبنان الذي أحلم به وعدت من الغربة من اجله. الناس تأكل بعضها والفساد منتشر».
هي صرخة مواطن، حبذا لو تدخل آذان المسؤولين، سياسيين واداريين.
شكراً لجريدة «اللواء» التي اضاءت على تلك الحالة.
هي فعلاً نموذج لما يعانيه المواطن من شواذات في الحكم والادارة ويحول دون تقدم لبنان في مجالات الحياة وشؤونها. ان الناس تتساءل من هي الجهة الصالحة للنظر في امورها ومعالجتها. سنبقى نطرح على نفسها هذا السؤال الى ان نتعب وتتوقف. الى متى ستدوم هذه الحالة؟ الجواب هو الى ان يعي الناس مفهوم الدولة، سياسياً واقتصادياً، وهذا الوعي لن يحصل في ايامنا. على ما يبدو. فالمكتوب معروف من عنوانه. والحقيقة ان لبنان اليوم يفتقد الى رجال دولة وفقدانه لهم يجعله يتخبط ويدخل في فراغ. والحياة لا تتحمل الفراغ وتفسح المجال امام الفساد ليدخل اليها وينتشر. ان اضعاف الدولة يأتي نتيجة طبيعية لما وصلت اليه. والواقع ان الدولة اليوم هي في العناية الفائقة رغم كل المظاهر ومعظم اللبنانيين غائبون عن وعيهم.
من هنا مسؤولية كبيرة تقع علينا، فان لم نبادر الى تغيير وجهة سير الدولة, فليس امامها سوى السقوط والعودة الى نقطة الصفر. وطبيعي ان يلي ذلك تداعيات تطال الفرد والمجتمع وسلامة الأمة. ترى، هل يعود التاريخ ويذكرنا كيف ان الناس، في ما سبق من قرون، كانت تأكل بعضها في مناطق في أفريقيا؟
ان اولى واجباتنا هي ان نشن حرباً على من فينا وما فينا من شوائب وسيئات. وبما ان الجميع مجمع على ان الفساد هو العدو الاول للانسان، فالقضاء عليه هو السبيل الوحيد لإنقاذ المجتمعات. واذا كان لا بد من تحديد معنى الفساد وتعريفه، فان على الحكم النظر اليه من مختلف الزوايا والخروج بالتعريف الانسب.
ومن باب التشبيه فان العامة تعرف ان تفاحة فاسدة في صندوق تفاح اذا ما ترك وشأنه، فان كل ما فيه سيصاب بالفساد ويرمى كقمامة.
في زمن ليس ببعيد ألفت حكومة وعين فيها وزيراً لمكافحة الفساد وما لبثت ان استقالت وضاعت جهود الوزير ولم تتبلور خطة مكافحته وظهر الفساد وكأنه أقوى مناعة من النظام.
حان وقت وقف الجدل والانتقال الى العمل بدأ بوضع خطة للمجابهة ومن ثم تحديد مراحلها وبيان وسائل تنفيذها. بغير هذا النهج، سيبقى الفساد فاعلاً ويظل الناس يشيرون الى وجوده تبرئة لتقصيرهم.
لا، ما هكذا تعالج امور الدولة ولا هكذا تحفظ سلامة الناس وسلامتها.
نحن اليوم اما هذا التحدي، لنرى اذا كانت قوانا قادرة على مجابهة هذا التحدي.