جريدة الكترونية تأسست
1/1/2015
الرئيسية / أبرز الأخبار / رعاية أميركية للإنهيار.. والمصارف تخفض السحوبات!
المصارف

رعاية أميركية للإنهيار.. والمصارف تخفض السحوبات!

خلاف بين المركزي والمالية يطيح بالتعميم.. وكباش في جلسة الثقة الثلاثاء المقبل

                 استبقت المصارف بيان النوايا المعروف بالبيان الوزاري لحكومة الرئيس حسان دياب حول تصورها لإدارة كتلة الأزمات، التي تجمعت واطاحت بالثقة بالطبقة السياسية، وهددت جدياً أموال المودعين، فعمدت في إجراءات كان ينتظرها خلافها، إلى خفض سقف السحوبات بالدولار بنسبة النصف (50٪)، بدءاً من يوم أمس، في إشارة تقتل الأمل بالحكومة الجديدة فلا حاجة بعد، لا للانتظار، أو إعطاء فرص، ما دام «ميّة» الواقع المالي، المتراجع، يكذب «غطاس» الحكومة، سواء أكان نقدياً أو مالياً أو اقتصادياً.
مع تأكيد ثلاثة مصارف كبرى على الأقل، رداً على أسئلة وكالة فرانس برس، أنها خفّضت سقف السحوبات الشهري منذ مطلع الشهر بنسبة خمسين في المئة. وبات السقف المسموح به في عدد من المصارف لا يتخطى 600 دولار من الودائع التي تقلّ عن 100 ألف دولار، أما من تتخطى قيمة حسابه المليون دولار فيمكنه سحب مبلغ يتراوح بين ألفين وثلاثة آلاف دولار شهرياً بحسب المصرف.
ونشر مودعون على حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي صور الرسائل التي تلقوها من مصارفهم، معربين عن امتعاضهم منها، بسبب كلام لمساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط ديفيد شينكر، يُشير فيه إلى ان الاقتصاد اللبناني أسوأ مما يظن البعض، وان الاحتياطات من العملات الأجنبية دون ما هو حاصل فعلاً، عشية ما تردّد عن زيارة له إلى لبنان بعد نيل الحكومة الثقة..
وعلمت «اللواء» ان شينكر يحمل معه لائحة من المطالب والشروط التي وصفت بالصعبة..
كما علمت «اللواء» أن بعثة عسكرية أميركية ستصل إلى بيروت في آذار للبحث في المساعدات الممكنة للجيش اللبناني.
وسط ذلك، أنهت اللجنة الوزارية المكلفة صياغة البيان الوزاري الصياغة النهائية مساء أمس في السراي الكبير.
واشارت مصادر وزارية لـ«اللواء» ان البيان الوزاري لحكومة الرئيس حسان دياب الذي اخضع لدراسة مكثفة ولا سيما في الشق الأقتصادي سيسلك طريقه الى مجلس الوزراء لأقراره هذا الخميس من دون ادخال اي تعديل بإستثناء ما يتصل بتعابير لغوية معينة.
ولفتت المصادر الى ان هناك تشديدا على مسألتي الأصلاحات ومكافحة الفساد وكيفية وامكانية تنفيذ الأجراءات التي تحد من الهدر في عدد من القطاعات واللجوء الى لجم المصاريف التي لا لزوم لها معتبرة ان العبرة تبقى في التنفيذ.
وافادت ان هناك مواكبة للبيان الوزاري والتزاما بمسألة التهرب الضريبي وتعزيز الأجراءات التي من شأنها ضبط التهريب وفرض تطبيق القوانين.
واعتبرت المصادر ان العودة الى خطة ماكينزي مسألة مبتوت بها لكن لا بد من معرفة هامش الوقت والمتغيرات منذ اقرارها في الحكومة السابقة.
واشارت الى ان الخطط المتصلة بالكهرباء وغيرها من القطاعات هي التي قد تتأثر بفعل التطورات التي حصلت لكن الخطة القديمة لا تزال سارية المفعول وانطلاقا من البنود التي اقرت في الخطة.
والبارز ان التعميم المنتظر من حاكم مصرف لبنان رياض سلامة اطاحت به اعتراضات جمعية المصارف، والخلاف مع وزير المال غازي وزني، والذي عبر عنه بطريقة غير مباشرة بعد اجتماعه معه صباحاً في السراي الكبير..
والهاجس الأساسي للحكومة من ضمن اجراءاتها إعادة هيكلة الدين العام.
وكشفت مصادر وزارية لـ«اللواء» ان هكيلية الدين العام تصطدم بمعارضة قوية للمصارف.
ومن الإجراءات المؤلمة أو الموجعة عدا فرض الرسوم والضرائب، رفع ضريبة الـT.V.A إلى 15٪ وزيادة 5 آلاف ليرة على سعر صفيحة البنزين.
«كباش» جلسة الثقة
وبحسب التوقعات، فإن جلسة الثقة بالحكومة الجديدة، ستكون يوم الثلاثاء المقبل في 11 شباط الحالي، وفق ما اشارت إليه «اللواء» أمس، بعدما أنهت اللجنة الوزارية المكلفة صوغ البيان الوزاري، مهمتها في اجتماع ماراتوني استغرق قرابة الست ساعات، أمس، أجرت خلاله قراءة نهائية للبيان، في ضوء ملاحظات الوزراء من غير أعضاء اللجنة على المسودة التي تمّ توزيعها عليهم، ونشرت كاملة في الصحف.
وتقرر في ضوء اتصال جرى بين الرئيسين ميشال عون وحسان دياب ان يعقد مجلس الوزراء جلسة يوم الخميس المقبل لإقرار البيان بصيغته النهائية واحالته إلى مجلس النواب لطلب الثقة، فيما سيُصار توزيع البيان على النواب ضمن المهلة القانونية أي 48 ساعة قبل موعد الجلسة.
ومن الآن وحتى موعد الجلسة النيابية، ينشد الاهتمام إلى هذه الجلسة لاعتبارات تختلف عن الاعتبارات التي رافقت جلسة إقرار الموازنة، حيث بالكاد تمّ تأمين النصاب القانوني لها، بعد اتصالات حثيثة ومساومات.
وتفيد كل التوقعات ان الجلسة ستكون صاخبة، سواء من حيث الحضور، حيث قررت معظم الكتل النيابية الكبيرة، سواء الموالية أو المعارضة، حضور الجلسة، أو لناحية النقاشات قبل التصويت على الثقة، والتي لن تتجاوز نصف عدد النواب، ولكن كل هذه التوقعات، ستكون رهن «الكباش» الذي سيكون الشارع ميدانه الأساسي بين الحراك الشعبي الذي يرفض إعطاء الثقة للحكومة، ولا يرى فيها سوى حكومة محاصصة، من جهة، وبين السلطة من جهة ثانية، والتي يفترض فيها تأمين كل المستلزمات الأمنية واللوجستية لانعقاد الجلسة في البرلمان، ووصول النواب بطريقة آمنة إليها، وهي مهمة لا تبدو سهلة، في ظل إصرار الحراك المنتفض على منع عقد الجلسة، مهما كان الثمن، وان كان الحشد الذي يفترض به ان يؤمنه بدوره، هو الامتحان، حيث يكرم المرء أو يهان، بعدما لم يتمكن الحراك من منع جلسة الموازنة، بسبب التجمعات الصغيرة التي وقفت عند مداخل المنطقة المحظور التجول فيها، من دون ان تستطيع ان تفعل شيئاً سوى مشاكسة القوى الأمنية، فيما كان النواب «ينسلون» إلى الجلسة في أمان.
القراءة النهائية
وكانت اللجنة الوزارية أنهت صياغة مشروع البيان بعد قراءة نهائية مطولة استمرت زهاء ست ساعات، حصلت خلالها تعديلات وصفت بأنها غير جوهرية بعد الأخذ بملاحظات الوزراء، على ان يرفع الى كل الوزراء مجدداً لقراءته قبل عقد جلسة لمجلس الوزراء في القصر الجمهوري لدرسه واقراره يوم الخميس حسبما اتفق الرئيس دياب مع الرئيس ميشال عون بعد الاجتماع، وإحالته الى المجلس النيابي لتحديد جلسة منح الثقة يُرجح ان تعقد  يوم الثلاثاء من الاسبوع المقبل.
وذكرت المعلومات ان مشروع البيان خضع لتمحيص وتدقيق عميقين لكل بنوده  بدليل طول الجلسة، إذ تمت مراجعته كلمة كلمة وعبارة عبارة. لكن ما تسرّب عن تفاصيل البيان جرى تخفيفه، لا سيما حول ما قيل عن «إجراءات موجعة للمواطنين»، خصوصا في المجال الضريبي، إذ تنوي الحكومة معالجة التهرب الضريبي بحيث يشمل كل الشرائح بعدالة لاسيما الميسورين والاغنياء، ويلاحق المتهربين من الضرائب. إضافة الى الاصلاحات الضريبية والنقدية والمالية وتقصي مصير الاموال لتي تم تهريبها الى خارج لبنان خلال الاشهر الاربعة او الخمسة الاخيرة واستعادة الاموال المنهوبة. وهذا الامر خضع لدراسة عميقة للارقام في اجتماع الامس.
وفي ظل التكتم الحاصل حول تفاصيل ما جرى حول مشروع البيان اكتفت وزيرة العمل لمياء يمين الدويهي بالقول ل «اللواء»: ان كل الوزارات قدمت ما لديها من مشاريع واقتراحات لتضمينها في البيان الوزاري كل وزارة حسب اختصاصها، ونتمنى ان تُعطى الحكومة فرصة كافية لإثبات جديتها قبل شن الحملات عليها، فهي تحمل مطالب الشعب لأن اعضاءها من هذا الشعب ولدينا الهموم والمشكلات ذاتها.
وقالت وزيرة الاعلام منال عبد الصمد بعد الاجتماع: أكد الرئيس دياب أن الحكومة تريد العمل بأسرع وقت ممكن من أجل وضع البيان الوزاري موضع التنفيذ، وهي ملتزمة بمضمونه، وستبذل ما في وسعها من أجل تحقيق انطلاقة حكومية فاعلة تلبي تطلعات اللبنانيين لمعالجة الازمات والقضايا المالية والاقتصادية والاجتماعية والمعيشية.
واوضحت ردا على سؤال، أن «الحكومة لا تتبنى أي مسودة تم تسريبها، وبالتالي تم الكثير من المناقشات وكثير من المواضيع التي تم طرحها وتم تعديل عدة امور»، من دون الكشف عن طبيعة البنود التي تمّ تعديلها، علماً ان مصادر وزارية أكدت انها لم تكن جوهرية.
وأشارت عبد الصمد إلى ان البيان لا يلحظ تعديلات ضريبية، لكنه يلحظ إصلاحات ضريبية ومالية نقدية يتم الحديث عنها في وقتها.
وأعلن وزير الصناعة عماد حب الله بعد خروجه من الاجتماع قبل الوزيرة عبد الصمد: ان «ما سرّب من مسودّة للبيان الوزاري يختلف عن ما تم الاتفاق عليه اليوم (امس).
وقال وزير السياحة والشؤون الاجتماعية رمزي مشرفية بعد الاجتماع: انه تم  وضع بعض اللمسات على البيان الوزاري، وان الفقرة السياسية لم تتغير والتعديلات ليست جوهرية. كاشفا أن «الاجراءات الضريبية والرقابية ستطال من كان يُعفى ويتهرب من الضرائب».
جدولة الدين العام
وسبق اجتماع اللجة الوزارية، اجتماع مالي ترأسه الرئيس دياب، وحضره الوزراء الأربعة المعنيون بالأزمة المالية والنقدية: دميانوس قطار، غازي وزني، عماد حب الله، راوول نعمة وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، تكتم الحضور على طبيعة المداولات فيه وعما إذا كان لقوننة الإجراءات المصرفية التي تقوم بها المصارف، وعما إذا تناولت القيود القاسية الجديدة التي فرضتها على سحب الودائع، بحيث انخفضت إلى 300 أو 200 دولار كل أسبوعين لأصحاب الودائع التي تقل عن مائة ألف دولار، لكن معلومات خاصة كشفت ان الاجتماع خصص لموضوع إعادة جدولة الديون الخارجية التي تستحق على الدولة اللبنانية خلال أشهر آذار وحزيران، والتي تتجاوز قيمتها 2.5 مليار دولار.
وعلم انه في الاجتماع اتخذ قرار بهذه الخصوص، لم تعرف تفاصيله، باستثناء ان الرئيس دياب أكّد التزام لبنان بدفع مستحقاته الخارجية، علماً ان 80 في المائة من استحقاق آذار عبارة عن ديون داخلية للمصارف اللبنانية.
يُشار في هذا السياق، إلى ان الرئيسين برّي ودياب وقعا أمس قانون موازنة العام 2020 وتمت احالته إلى رئاسة الجمهورية لنشره في الجريدة الرسمية كي يصبح نافذاً.
الاستدعاءات
وعلى صعيد آخر، وبينما بدأت تطرح تساؤلات عن أسباب تراجع زخم الانتفاضة الشعبية التي انطلقت في 17 تشرين أوّل، وعما إذا كانت الدولة، نجحت من خلال اجهزتها الأمنية والعسكرية بالالتفاف على الانتفاضة، تمهيداً لضربها، عبر أساليب وادوات متنوعة، تارة بالترغيب وتارة بالترهيب، أو ان جمود الساحات التي كانت نبض الانتفاضة هو هدوء ما قبل العاصفة، وفرصة لإعادة تنظيم الصفوف الداخلية من أجل استكمال المشروع الاصلاحي التنفيذي لها، أم انه منح فرصة للحكومة لترجمة وعودها بالاصلاح التي اوردتها في البيان الوزاري؟ وهي تساؤلات بقيت دون أجوبة حاسمة، تمضي السلطات القضائية في ملاحقة ناشطي الحراك الشعبي، إذ تمّ أمس الادعاء على شربل قاعي الذي اخلي سبيله من دون كفالة وعماد المصري لقاء كفالة مالية قدرها 500 الف ليرة. واكد وكيل الناشط ربيع الزين من امام قصر العدل في بعبدا انه  سيتم الافراج عن الزين اليوم لقاء كفالة مالية.
وفيما تقرر توقيف الناشطين جهاد العلي وجو شليطا بتهم التحريض على قطع الطرق والتظاهر وقطع طريق نهر الكلب. وفي وقت افيد عن استدعاء الناشط في حراك الزوق طوني خوري قبل ظهر الاربعاء المقبل الى سراي جونية، تجمع محتجون أمام قصر العدل في بعبدا تزامنا مع جلسة لقاضي التحقيق في جبل لبنان بسام الحاج للاستماع الى الشاهدين المصري وقاعي في قضية توقيف الناشطين الزين ومحمد سرور وجورج القزي، قبل ان يباشر التحقيق مع أربعة مدعى عليهم وهم: العلي، شليطا، منصور بدران ومارون فارس قاعي.
وبعد الظهر، ارتفعت في بعبدا، اعداد المناصرين والمؤيدين للزين والذين طالبوا بالعدالة ولبقية الموقوفين.
وأفيد مساء، من ان محتجين من حراك صيدا نفذوا وقفة احتجاجية امام دخل فرع مصرف لبنان في المدينة، في إطار تحركهم رفضا للسياسات المالية والمصرفية ووضع قيود جديدة إضافية على السحوبات المالية.
وفي طرابلس، أصدر «تكتل ثوار طرابلس في الشمال» و«هيئة الطوارئ الانقاذ مدينة طرابلس» بياناً مشتركا طالبا فيه باجراء انتخابات نيابية مبكرة بضمانة دولية لقانون عادلي، وإعادة جدول الدين العام والعمل على استعادة الأموال المنهوبة عبر قضاء عادل.
وكان متظاهرون تجمعوا امام سراي في المدينة مطالبين باستقالة محافظ الشمال رمزي نهرا، بعدما قذفوا المبنى بحبات الليمون الفاسد.