جريدة الكترونية تأسست
1/1/2015
الرئيسية / جريدة اليوم / قال شعب قال!
راجح خوري

قال شعب قال!

راجح خوري:

 

كل ذلك الغسيل الناصع لم يكن سوى شعرة من ذنب قط، وليس في وسع صنوبر بيروت وكل غابة بكاسين والجوار توفير منشَر له، ما قيل عن وما يخفى وهو أعظم.

على من قرأ النواب مزاميرهم وعلى من كل هذه الطهارات، أعلى الحكومة وهم أصلها وفصلها، أم على “الشعب العنيد” يتلذذ بأخبار السرقات والخوات والسمسرات، ويذهب غداً للتصويت للذين تتناولهم هذه الأخبار؟
ماذا يظن معظم الأكارم الذين صعدوا الى المنصة ليتحفونا بهذا الفيض من النقاء والحرص على مصلحة المواطن والوطن من غير شرّ، وهل تغيّر هذه العراضات شيئاً من الفساد الناخر في جيفة الدولة المسخرة؟
هل هذه هي المرة الأولى التي نسمع فيها هذا الردح، ثم نكتشف انهم يخرجون من بيت السلطة التشريعية يداً بيد مع أعضاءالسلطة التنفيذية، والى أقرب مطعم وهم يستذكرون قصة ليلى والذئب، لأنهم يحسبون الشعوب اللبنانية نسخة من حكاية ليلى وهم الذئاب؟
ذات يوم أُطلِق في أحد عهود الوصاية وإدعاء “نظافة الكف” شعار إسمه “الإخبار” بمعنى ان يتولى من سُمي في حينه “المواطن الصالح” كشف عملية فساد يشكّل الحديث عنها إخباراً، يتحرك القضاء النزيه لينزل بصاحبها حكم “القدر” طبعاً، وما قيل ويقال اليوم في جلسات المناقشة طوفان من “الإخبارات” تحتاج الى قضاء قارة الصين لكي ينظر فيها، ولكن بيننا وبين “الصين” قضاء وقدر! اذاً ما معنى حديث الرئيس نجيب ميقاتي عن الشركة الإيطالية التي أعلنت انه طُلِب منها دفع مبلغ مئة مليون دولار لقبولها ضمن مناقصة النفط والغاز، ثم ما معنى مطالبته بإحالة الموضوع على القضاء، أو بأن تُصدر الشركة نفياً ليرتاح باله وبالنا طبعاً “ونعطي صورة واضحة ونظيفة عن هذه العملية التي تشكّل أملاً للأجيال المقبلة” [لاحظ الأجيال المقبلة على المرافئ طبعاً].
وما معنى ان تضيق عين النائب حسن فضل الله ليشن هجوماً على الحكومة والمجلس، لأن الحكومة لا تخاف من المجلس والمجلس لا يخاف من الشعب، وعندما يكون الحال هكذا هل كثير ان تخسر الدولة ٧٠٠ مليون دولار بسبب التهريب، وان يصير ثمن توقيع الوزير على المعاملة بين مليون وعشرة ملايين دولار، ربما ليليق الأمر بمبلغ العشرين الف دولار الذي يدفع له سنوياً لتجديد مكتبه فلا يتجدد بل يتشبرق معاليه بالمبلغ “بونس” للخادمة!
وعندما تقرر الدولة الكريمة إعفاء الشركات من شهادات براءة الذمة من الضمان مثلاً، هل كثير ان يفلس الضمان، ربما لأن لا حاجة اليه فنحن في أسوج؟
وكيف استطاع صديقي أكرم شهيّب ان يحذّر من ان لبنان ذاهب الى كارثة نفايات، وهو مثلنا جميعاً يسد أنفه ويمشي في البلد المزبلة؟
… قال شعب قال!

rajeh.khoury@annahar.com.lb – Twitter:@khouryrajeh